الثلاثاء، 17 سبتمبر 2019

إيگاون





إيگاون

ولع أهل المنتبذ القصي بالغناء والطرب لاحدود له، فهم أهل صحراء أصاخوا لسيمفونية الرمل وألقوا السمع لحداء الريح، ولم تزل مجالس السمر تقام في ليالي الصحراء الطوال تدار بها آنية الأدب وتدور على الندماء فيها كؤوس من الطرب صافية لا للسلاف ولا للورد رياها.

كم فتاة مثل ليلى وفتى كابن الملوح، كلّما حدّث أصغت وإذا قالت ترنّح
يستمر الهول وتبسم ليلاه عن ألمى فيهز شيطان الشعر جناحيه:
هذا گافي هون السابع :: واكتن تظحك ل عرادي
انگول الثامن والتاسع :: والعاشر وانگول الحادي

كانت للمطربين (إيگاون) مكانة مرموقة في المجتمع فهم السلطة الثالثة تتوسط السلطتين، سلطة السيف وسلطة القلم..
يعلن الحي حالة الطوارئ إن حل بساحته (إيگاون)، وترى طاوي ثلاث عاصب البطن مرمل، إن حل بساحته (إيگاون) مستعدا لذبح ابنه حتى يوفر لهم القرى، وكان إكرام (إيگاون) يأتي على قدر النبل والمروءة ، يُقدح الزناد فتسيل أودية بقدرها..

يروى أن أحد العلماء الصلحاء حل بساحته (إيگيو) ولم يكن يرى جواز الغناء على الآلة، لكنه لأصالة معدنه وكرم محتده رأى - وكان نديّ الصوت - أن يكمل إكرام ضيفه بمباسطته، فلما جن الليل ناده قائلا:
سنضع الآلة جانبا ونتناشد أنا وأنت في مدح النبي صلى الله عليه سلم لنعرف أينا أحسن صوتا.

وذات أنس حدثنا الإمام الأكبر بداه ولد البصيري فقال:
كنت مع شيخي، الشيخ أحمدو ولد أحمذيّ، وكان "يعرّظني" على كثيب خارج الحي، وجاء الأعور ولد انگذي للحي بعدنا، ووضع "آلته"، وخرج نحونا، وما إن أبصر لعور، الشيخ أحمدو، حتى جعل أصبعه في أذنه، وطفق ينشد ..
يقول بدّاه، واصفا حال شيخه، الشيخ أحمدو، الذي تملّكه الطرب: "تم ذَا لمرابط يحمار ويخظار" حتى فرغ الأعور من إنشاده. فأعطاه ما قطع به لسانه .. وانصرف.

ويقول العلامة محمد باب ولد امحمد ولد أحمد يوره مخاطبا الفنان امحمد ولد انكَذي "لعور":
مگط اطْرَ وإلْتزْ إمعـــاكْ :: ولْ آدم بأعنادُ مَطــاحْ
ءُ عندِ عنك زاد أورَ ذاكْ :: من عِبادْ اللهْ الصّـلاّح
فأجابه لعور:
يالملحوگ إلِّ جاكْ إتغيثْ :: ءُ عالم و امجوّد واسْخِ شاحْ
ولِّ عـندكْ منْ لَحاديثْ :: ألاَّ لحاديثْ الصحاحْ

وحين تباهر الفنان أحمد ولد بوبَّ جدّو مع ابن عمه سيد أحمد ولد بوبَّ جدُّ وأخواله في شور، تدخل العلامة الأديب السالك ولد الحاج أحمد ديدَ القَلاوي إلى جانب أحمد:
يَحْمَدْ مِن لِبْيَاظْ إيلَ طابْ :: خَلِّ عَنّكْ جيهتْ لكحالْ
وَاخْبَطْلِ لَعْتيگْ ولَكْلابْ :: و الرَّمگانِ و اخبطْ لرْحالْ
وِيلَ درتْ اتروزْ اتكحَّلْ :: مَانَكْ لاهِ بعد اتْزَحَّلْ
گومْ امْعَظَّلْ لا تَتْوحَّلْ :: كافِ من لكحالْ أعظالْ
اخبطْ بَيْگِ فمْ ؤنَحّلْ :: تَگْنَعْ لَكْ شِعَّارْ التِنحال

ويقول العلامة الأديب سِيدِ الْمِصْطَفْ ولد سيدي عبد الله ولد الشيخ المهدي التِنْوَاجِيوي مفضلا أحمد أيضا:
يَحْمَدْ يللِّ بيك اتْمَوْنيكْ :: كِلْ أخْلاگ افْ هولْ التنْحالْ
يَلِّ مِن سِقْرَكْ گالتْ فيكْ :: فِتْ الناسْ اللاَّهِ ينگالْ
كانَكْ نَگرَيتْ افْ كلْ اوقَيتْ :: الْهَولْ إلينْ الْحَگْ لِبْتَيْت
سَبَّگ لكْ بَيْگِ واِيلَ جَيْتْ :: اعْلَ رَدّاتُ مانَكْ مَالْ
تَمْ افْ لبتيت انشِدْلَكْ بَيتْ :: راهُ ذاكْ اِيجيبْ الِّ قالْ

وذات أنس في حلة أهل الشيخ المهدي عند موضع (أشگيگ مقچّوگه) استدعى العلامة الأديب سيدي عبد الله ولد الشيخ محمد المهدي الفنان ملاي إسماعل ولد أبّاشه، ليعزف له قوراس بعدما أعيى الفنانين الكبار: أحمد ولد دندني وصمب ولد السِّيد وأحمد زيدان ولد بوب جدو ومحمد محمود ولد أعل خدجَ
فجاء الفنان ملاي إسماعل ولد أبّاشه راكبا على حصان وكان الوقت أصيلا فقال له سيد عبد الله لا تنزل عن ظهر الحصان حتى تعزف لي قوراس، فأخذ ملاي إسماعيل تيدنيتُ وعزف قوراس فقال له سيد عبد الله:
تخبط قوراس ابلا انزاع :: جبتُ واتجيب أجنـــاسُ
شاعر غيرك فالحگ گاع :: رابط راصِ قــــوراسُ
فرحل أهل دندني، فذهب في إثرهم سيد عبد الله بصربة كبيرة وقال مسكريا:
ما ايگدْ إعانَدكمْ فَـــــرْ:: شاعرْ استنبَطْ باتمَيْريرْ
زَينْ لَخْبيطْ ؤكانْ اكْثَرْ :: فيهْ لَمْدير ؤعادْ اشْريرْ

وذات هول في دكار للفنان القدير محمد ولد اشويخ حضره الأمير الدان، عزف محمد وشگر الدان اعليه الكثير من اشگاره في العزف وهي عادة كثيرا ما يمارسها الدان مع إيگاون لبعد غور مشرعه في أزوان، ثم أردف الدان قائلا: آن ابشوفتي أعل إيگاون الگبلة عنهم ما يعرفو اخبيط (الفايز)، هو الفايز حد لاهي يخبطو ارتب الثومة اعل لمهار ويفعل كذا للتشبطن إلين تنورل التدنيت، فغضب محمد ولد اشويخ وطرح التيدنيت قائلا للدان: انت ذا گاع اتبان أخبر فيه أراعيلك التندنيت وأخبطو.

و زار الفنان الكبير المختار ولد الميداح الأمير الدان في اندر، وركب أژوان ومدرسة الگبلة تختلف عن مدرسة تگانت بخصوص أردّاس وهو ضرب الجنبة بالاصبع ويكون في مدرسة الگبلة أثناء العزف العادي، لكنه في مدرسة أهل الحوض وتگانت يكون أثناء شد الشور، ولاحظ الدان أن المختار يردس أثناء العزف فأشار له بذلك فأجاب المختار:
الشور آن عند المبدَ :: شديتُ شدْ ءُ بيه إثباتْ
إرفدتُ فأوقات الرفدَ :: واطرحت فأوقات الطرحات

ولم نزل نسمع عن آمسگري ومرظ إيگاون، ندوية احبيب ومرظ أهل الميداح ومرظ أهل اشويخ....

وفي حصرة " آولِيگْ" قال الأديب الكبير ديديه ولد البصيري لأهل اشويخ:
منْ يومْ امْجِيكمْ لاَوْلِيگْ :: الهولْ إلِّ متْبايِنْ
بيهْ ابگْيتُ وابْگاوْ لِيگْ :: گاونْ منُّو لِمْحَايِنْ
فغضب أهل الميداح فسگراهم الأديب ديديه وخاصة المعلومة:
الهول الزين ابلا اخلاط :: ما ينجاه ابلخصومَه
ء لكلام الخاسر غير باط :: ينجالُ بالمعلومة

ويقول الأديب الكبير الطيب ولد ديدي في مرظ أهل اشويخ:
تفجارْ امَّلي زادْ شِيخْــ :: ــصَارَ بيني وأهلْ اشْويخْ
والكَرظَ يكانُو ايْـسيخْ :: تطوالْ المودوَّانَ
ءُكثرْتْ لردادْ ءٌ بيخْ بيخْ :: وَسَاغَ والعَـنْـعَانَ
عنُّو مصيوبْ ءُ ذَا انـْـسَـيْـخْ :: غَانِ عنُّو ملانَ
هومَ باطلْ مافيهم الـْــ :: عَـيْـبْ ءُ خَيْمِتْ هَيدانَ
منْ هيدانَ ماكط زلْ :: اعْليهم حدْ أحْــرَانَ
شِ امنْ الحَـسَانَ زادْ ولْــ :: هَــيدانَ والوزَّانَ

كان إيگاون ولا يزالون يحظون بالتبجيل والاحترام، وكلما هم أحد بالنيل منهم تذكر إلياذة الحماسي الخالدة:
سلاحْ اللّسنَ كانْ إنَ :: إورثناهْ امنْ أوائِلنَ

كامل الود

الكاتب : إكس ولد إكس اكرك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق