الأحد، 29 سبتمبر 2019

عبدالله ولد سيد محمود الحاجي(النهاه)

عبد الله ولد سيد محمود الحاجي(النهاه)
تلبية لطلب من الأخ سيدمحمد المام ابراهيم حمل نوعا من العتب ، أراد فيه نبذة عن العلامة النهاه ..
هذا مقال كتبته عنه قبل حجج تعاطته الصفحات والمواقع ، منها من عـزاه ومنها من اكتفى باللازمة (كامل الود) ومنها من لحس عليه أرگط..

هو عبد الله بن سيد محمود بن المختار بن عبد الله بن باب هندي بن أبْجَ الحاجي نسبة لجده الحاج يحيى بن عمر.
عرف بلقب ”النهاه” ، وهو قائد سياسي لامع فقيه ضليع وشاعر مجيد موصوف بالعبادة والصلاح والشجاعة وبعد الهمة ، اشتهر بالرئيس لأنه كان يقود رئاسة اتحادية تضم عدة قبائل محاربة.
أبوه لمرابط سيد محمود المتوفى سنة 1786 م دفين "وادي البركة" شمال شرق تجگجة  فى مزارة معروفة.
ولد لمرابط سيد محمود فى آدرار فى أحضان قبيلة اديشلي وأمه منهم ، ونشأ فى وادان ولازم فى شبابه الصوفي الوداني حم ختار الحاجي ثم تتلمذ للفقيه المتمكن جدو بن نختيرو بن الطالب مصطفى الغلاوي المعروف بالوداني وعنه تلقى الورد الشاذلي.
كان صوفيا ورعا وزاهدا متقشفا عرف بالعبادة والتواضع انتقل من وادان إلى ارگيبه تحت ضغط التفاعلات التى نتجت عن الحروب فى آدرار.
هاجر لمرابط سيدي محمود إلى "لعصابه" في القرن الحادي عشر الهجري.
ومن كراماته التي تروى أنه كان في بعض أيامه محزونا لحادث كان بين أخيه "با حـْمـَدْ"  و أشخاص آخرين ،  فهتف به هاتف :
إذا كنتَ في أرض يهينك أهلها :: و لم تك ذا عز بها فتحول
فقال: أين موضع العـِزّ؟
فقال الهاتف: "كنديكه و انواملين" , و كان إذ ذاك ببلاد قومه ب"وادان" فتوجه هو وأخوه باحمد إلى ذلك المكان و نزلا على الطالب مصطف القلاوي , و كان الطالب مصطف من علماء البلاد الذين طارت شهرتهم بالعلم و العمل به و لما لمس الطالب مصطف القلاوي في لمرابط سيدي محمود كفاءته العلمية و الدينية بعثه إلى إدوعيش , و ما لبث لمرابط أن اشتهر بالعلم و الورع و التقوى و الزهد.
نزل فى بلاد الرگيبة وتزوج فى الجكنيين بالفاضلة خديجة بنت سيد الأمين بن حبيب الجكني ورزق منها بولده عبد الله الملقب “النهاه”.
اشتغل "النهاه" في مقتبل عمره بالعلم  وانكب عليه وشمر له وكان لاينام إلا قليلا لشدة جده واجتهاده متمثلا قول الشاعر:
أعاذلتي على إتعاب نفسي :: ورعيي في الدجى روض السهاد
إذا شام الفتى برق المعالي :: فأهون فائت طيب الرقاد
وقد كلمه أحد خاصته فى ذلك فقال : أنا أفكر فى ثلاث مسائل لايمكنني أن أنام ملء جفوني قبل أن أنالها ، وهي : أن أحج ، ثم أتزوج ابنة محمد بن محمد شين زعيم "إدوعيش" ورئيس أهل تگانت ، وأنتصر على كنتة.
وقد نال المسائل الثلاث بجده واجتهاده
انتقل ليدرس على أحمد محمود بن (آبّيه) أشفغ الخطاط عند أشفار الشهير لدى وادي الحمام المعروف بــ” المداح ” ، ودرس على آل محمدا بن أبى أحمد المجلسيين، الذين يقول فيهم مخاطبا محمدا بن أبى أحمد والمختار وهو بن محمدا عالم لغوي وشقيق البدوي صاحب الأنظام:
تحية ذي قربى يسائلكم غدا :: برحماهُ يوم الحشر (آلَ محمدا)
و(مختارها) المختار منكم وكلكم :: خيارٌ لدينا نبتغي بكمُ الهُدى
فلولاكمُ لم يلفَ للدين مُرشد :: وظنَّ رِعاعُ الناس أن يتركوا سُدى
ثم اعمل الرحلة طلبا للعلم والتبرك بأهل الصلاح حتى قيل إنه تلاشت تحته أربعون جملا فى زياراته.
وفد على ولي الله الشيخ سيد المختار على خلاف بين صاحب الوسيط وصاحب الغلاوية ، يرى أحمد بن الأمين صاحب الوسيط أن النهاه مرّ على الشيخ سيد المختار الكنتي وأنه اختبره بثلاثة أشياء جاءت كماهي فعلم ولايته إلا أنه لم يأخذ عنه لوصاة أبيه لمرابط سيدي محمود الذى أوصاه بعدم الأخذ عن الشيخ الكنتي لشدة موجدته على كنته.
بينما يروى سيد محمد الخليفة الكنتي فى كتابه الرسالة الغلاوية أنه أخذ الأوراد القادرية عن الكنتي وأنه كتب إليه مكتوبا من جملته قوله:
قصدت شيخ الورى المختار لا أربي :: فى فضة أبتغـي منـه ولا ذهـب
وإنما أربي فى نفض مـا نسجـت :: أيدي الخطايا على قلبي من الحجب
وأن الشيخ سيد المختار لقنه الأوراد.
ودرس النهاه فى محظرة آل أب أحمد المجلسيين ، ثم يمم علامة العصر المختار ولد بونَ ودرس عليه فنونا شتى ،  ثم درس على العلامة سيدي عبد الله ولد الحاج ابراهيم والذى تربطه به علاقة اجتماعية وعليمية راسخة تعود إلى عهد أبيه لمرابط سيدي محمود.
فحين أحكم تحالف أولاد امبارك وأولاد الناصر ولبراكنه حصارهم على إدوعيش فى ” احنيكات بغداده ” سنة 1778 م ، طلبوا منهم أحد أمرين:
إما دفع مغرم على شكل جزية سنوية ، وإما الخروج من تگانت
حينها رأى رؤساء إدوعيش محمد شين واعل انبگه ول اسويد وغيرهم أن يأتوا إلى لمرابط سيدي محمود وكان شيخا فى آخر أيامه يطلبون منه شد الأزر بالدعاء بالنصر فدلهم لمرابط على سيد عبد الله ولد الحاج ابراهيم الذى ناصرهم بشروط معروفة.
تزوج سيدي عبد الله بأخت النهاه رقية بنت لمرابط سيدي محمود ، ورزق منها بولديه محمد محمود وسيد محمد ، وتزوج ابنة أختها اخديجه بنت اشفغ الحاجية.
أعمل النهاه الرحلة بهمة مثل الحسام الماضي ، فحج بيت الله الحرام  ، وزار شفيع الورى صلى الله عليه وسلم وضجيعيه و أهل البقيع الطاهر وقال :
'ماكنتَ مُذْ زمـنٍ ترجـوهُ هـذاؤُهْ :: هذا شفيع الورى بشراكَ هـذاؤُهْ
هذا العتيقُ وذا أبو الفتـوح وذي :: أهـلُ البقيـع أحبـاهُ وأبـنـاؤهْ
فسَلْ بـه وبهـم ماكنـتًَ تطلبـه ::هناكَ تُقضى لذي الحوجاء حوجاؤُه
حاشاهُ أن يستغيث المستغيث بـه :: وتستطيل عليـه الدهـر أعـداؤُه
ويقول:
يا سيدَ الناسِ ابنَ عبد المطلبْ :: وخيرَ مدْعُوٍّ وخيرَ منتدبْ
إليكَ جُبْنا كلَّ غوْرٍ وحَدَبْ :: وكلّ هوْلٍ يشتكى وَيرْتَهَبْ
وليس يا سيدنا ليس الأرَبْ :: منا لديكَ فِضةً ولا ذهبْ
وإنما أرَبنا كشف الحجبْ :: وحفظُ الإيمان لنا من السَّلَبْ.
وبعد العودة قال:
بان الرسولُ وبانتْ عنكَ طيْبتُهُ :: إنّ الأحبةَ والأوْطانَ أعداءُ..
وعند عودته من الحج للمنتبذ القصي قام ببناء مشروعه السياسي والعسكري وحبك تحالفاته بعناية ليقود حربا ضروسا ضد الإتحادية الكنتية ، ويعرف ذلك الحلف بأهل سيد محمود ويضم: الحاجيين و تغده و السواكر و سارة و الرعيان و لعيايطه و ازبيراتْ وغيرهم..
ومما يروى عنه دعائه المأثور: ” يامُحول لحوال حول فيّ ادوعيش ولغلال ”
وبعد وفاة الشيخ سيد المختار الكنتي سنة 1826 الذى كان مهابا بحكم جلالة منصبه ، وبعد انقسام إمارة ادوعيش بعد وفاة أميرها القوي محمد بن امحمد شين سنة 1821 إلى قسمين متصارعين هما:
إمارة ”اشراتيت” وهم شيعة المختار واخوته فى بلاد ارگيبه – لعصابه
إمارة ” أبكاك ” وهم شيعة اسويد أحمد بن محمد شين وظلو فى تگانت
بدأ النهاه فى تنفيذ مشروعه الحربي مستفيدا من هذه المعطيات إضافة لزواجه باخديجه بنت محمد شين ، فتحالف مع المختار ولد امحمد شين للإغارة على كنته الذين لجأ إليهم اسويد أحمد الهارب من أعمامه و الذى آواه أحمد بن سيد امحمد زعيم بطن أولاد سيد حبيب الله من كنته ليتكون حلف أبكاك وكنته مقابل حلف اشراتيت وأهل سيد محمود فدارت بين الفريقين حرب طحون.
دارت الحرب بين المجموعتين، فوقع بينهم يوم انوَدَر (موضع في تامورت النعاج) في سبتمبر 1821 انهزم اسويد احمد وحلفاؤه وقتل من جانب اشراتيت التنواجيوي بن اعلِ بابي وقتل من جانب أبكاك وحلفائهم سيد احمد بن المختار بن سيد لمين الكنتي رئيس أولاد البح وأحمد بن امحمد بن الطالب سيد احمد من زعماء أولاد سيد حيبلل من كنته وجمع آخر.
ويوم جوك بص في منتهى جبل لعصابه شمالا في دجمبر 1821 هَزم فيه أهل سيد محمود واشراتيت أولاد سيد الوافي من كنته.
ويوم شگار في مايو 1822 انهزم فيه كذلك تحالف كنته وأولاد طلحه وقتلت منهم مقتلة عظيمة منها المختار بن محمد بن اعليوه الطلحاوي وعبد الله بن امينوه الكنتي زعيم أولاد سيد الوافي وأخوه المختار وعمهما امحمد بن سيد لمين وأحمد بن امحمد زعيم أولاد بوسيف البيظ.
ويوم اعليب الرال في دجمبر 1822 وهو غارة نفذها فرسان من أبكاك وكنته وأولاد الناصر على حي من اشراتيت فقتلوا بعض رجاله واستولوا على بعض أمتعته.
ويوم بوعنز (بآفطوط) في فبراير 1824 انهزم فيه اشراتيت وأهل سيدِ محمود وقتل منهم جمع غفير منه رؤساء من اشراتيت.
ويوم لگران سنة 1825 انهزم فيه اشراتيت كذلك وحلفاؤهم وممن قتل منهم عثمان ول اعلِ بابي.
ويوم البوسيفيه الشهير الذي أغار فيه رعاة أهل سيد محمود على حي من كنته بالعريه من أعمال ولاته فقتلوا منهم رجلا امن أولاد بوسيف سميت به الوقعه.
ثم فسد الحال بين الأمير اسويد احمد وبين كنته وأولاد الناصر فرحل مغاضبا إلى عمه المختار واتفق معه والنهاه على حرب القبيلتين، فوقع يوم الجنكرونيه في أغسطس 1825 فانهزم كنته وأولاد الناصر وممن قتل حمادي بن سيد امحمد بن الشيخ سيد المختار الكنتي.
ثم عاد الصراع بين اسويد احمد وأعمامه فوقع يوم گصاص(وهو طريق في سلسلة لعصابه) وسقط من الجانبين عدد من القتلى منهم من جانب اشراتيت: المختار بن اعلِ بن امحمد شين، وبوسيف بن امحمد شين وأخوه سيد الامين.
ويوم تاغطافت (موضع غربيّ أفلّه) الذي كانت فيه الدائره على أبكاك وكنته، وهاجر على إثره ازبيرات إلى أهل سيد محمود.
وفي دجمبر 1826 توفي المختار بن امحمد شين فخلفه أخوه اعلي على زعامة اشراتيت، لكن بعضهم عاد إلى تگانت وخضع لسلطان اسويد احمد، وحارب الأخير أولاد الناصر وكنته لتحالفهم مع عمه اعلي فأغار على أولاد الناصر عند عريظ في تگانت، وأغار على كنته عند تنعمني بآفطوط.
ثم تصالح أهل سيد محمود وكنته سنة 1829 على أن يكف كنته عن مضايقة نفوذ أهل سيد محمود ولا يدعم أهل سيد محمود في المقابل أي عدوان يستهدف كنته.
كان النهاه رجلا صالحا عالما جليلا ووليا عارفا وشاعرا مفلقا وزعيما سياسيا وقائدا عسكريا ، سئل عنه الحامد ولد امينوه الكنتي فقال إعجابا به: ” كان كافر  علماء وأولياء”.
ويروى عنه الكثير من الخوارق من ذلك أنه كان حاجا ولما هوى إلى الحجر الأسعد ليقبله رأى خيالا بينه وبين الحجر فقال من تكون فرد عليه أنا روح لم يبرز جسمه إلى الدنيا بعد ، ولكنني سأولد يوم كذا من شهر كذا من أرض القبلة وسيكون اسمي محمذن فال بن متالي.
تقول الرواية إن ذلك من أسباب خروجه إلى منطقة اترارزه بعد ذلك للقاء هذا الشيخ وفيه يقول:
لما زَوى الجهلُ جسمي وانزوى مالِي :: و اشتدَّ من ثِقَلِ الأوزارِ بَلبَالِي
أَنَختُ نِضوَ همومي أشتكي حالِي :: إلى الوَلِيِّ التَّقِيِّ مُحمَّذن فالِ
بِاللهِ عَفِّر لِوجهِ اللهِ وجهَكَ لِي :: جَنحَ الدَّياجِي لِحاجٍ يابنَ مُتَّالِي
توفي النهاه فى تگانت سنة 1255 هــ ودفن بالقبة عند ظهر شيخه العلامة سيد عبد الله ولد الحاج ابراهيم .”’
كامل الود
الكاتب :   إكس ولد إكس اكرك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق