الثلاثاء، 22 أكتوبر 2019

على اللازوردي.


على اللازوردي

من تلك الشرفة المطلة على الشاطئ اللازوردي طفق المكان يوغل في المساء..
كنت أقرأ قصة "paula" للكاتبة "isabel allende" توقفت وأنا أقرأ قولها:
" إن الأوغاد يشكلون ألذ جزء في الحكايات " وتذكرت بعض مقالاتي واكتشفت أن من ألذ تلك المقالات فعلا هو ذاك الذي تضمن نتفا من سير بعض أعلام الأوغاد في المنتبذ القصي..
وطويت الدجى أقرأ..
أحسست بوجع إنساني لاحدود له وأنا اتابع مع الليندي فصول معاناة ابنتها باولا، فوضعت الكتاب على الطاولة وأرسلت ناظري عبر النافذة نحو الأفق البعيد الذي لاحدود له..
بحر لجي يفصل بيني وبين المنتبذ القصي أرجعت البصر خاسئا وهو حسير لمصير ذلك المنتبذ، الذي أحرق أبناءه اليأس فطوحوا ينقبون في البلاد تتعاطاهم المنافي هل من محيص..
يقال إن الحكومات الجيدة إذا لم تخلق الوظائف فإنها تخلق الأمل، وبلدنا يخلق البطالة واليأس.

أرجعت الكتاب للمكتبة ، وأدرت شريطا من هولْ انْصارَ..
المطربة الإنجليزية الرائعة " Adele "  تغني " Set Fire to the Rain "أشعل صوتها الحرائق في دمي بدل المطر..
 أوقفتها وأدردت شريط " لحبش" ميزة ذلك الشريط أنه من سدوم والخليفة وعُليّ وأنه شجي وأنه على التيدنيت..
غنى سدوم : الشوق يفتح ألف نافذة خضراء ...
قفز إلى ذهني إفكو ولد محم بيد وكيف أن التي يهوى كانت نائية الدار بعيدة المزاز منه وهو عند "لكراع لحمر" وفجأة نزلت قريبا عند "احسي أفلجيط" فأنشأ:
إلّ نفنَ نقصد :: بيها متن اتمنجيط
إلْ لخلطْ نزلت عند :: إحسيْ أفلّجيط
وأعظم مايكون الشوق يوما :: اذا دنت الديار من الديار.
الشوق يعتمل في القلب ويمور به الوجدان ونعجب كيف يفلت العشاق من الموت، سمع أعرابي قول جرير:
كادَ الهوى (يومَ سلمانينَ) يقتلني :: وَكَادَ يَقْتُلُني يَوْماً (بِبَيْدَانَا)
وَكَادَ (يَوْمَ لِوَى حَوّاء) يَقْتُلُني :: لوْ كُنتُ من زَفَرَاتِ البَينِ قُرْحانَا
فقال: رجل أفلت من الموت ثلاث مرات..لايموت بعدها أبدا..

تذكرت ترياق الشوق، إغن الشيخ ولد مكي وتذكرت أن إفكو كان يعجبه اغن الشيخ رحمهما الله، وكان يعجبه سبك الشيخ لهذه الطلعة فهي تحفة فنية متساوية الأضلاع:
بتلميتْ اعطيتْ شَيْلْ :: فيه انهارينْ ابلا امثيلْ
احسانْ، ءُ فضل، انهارْ، ليل :: بين أفاضلْ، ما فاضل
عنهم فالفضل اليوم شِيلْ :: إلْحدْ اتلَ من لفاضل
ءُ ريتْ اجماعَه ما تنسوَ :: فالفضل ابلا مناضلْ
موثوقَ تعرف تستوَ :: فضلْ، ءُ تعرف تتفاضل
سجرتني الموسيقى شوقا مع ناشئة الليل الأولى.. وحين سجا الليل خفت حدة الحنين ومع إفكو وابن مكي شعرت بخدر لذيذ ، إغن الشيخ ولد مكي، ترياق الشوق وبلسم الحنين..
تذكرت -والشيء بالشيء يذكر-  ما حدّث به أحد الأساتذة الباحثين الأفاضل حين قال:
كان الشيخ ابن مكي رحمه الله ذات ليلة جالسا في زاوية البيت يستغفر ربه منهمكا في أوراده بين المغرب والعشاء، وكنت منشغلا حينها في جمع أشعاره أعرض عليه ماوقع في يدي منها لأتحقق من نسبته إليه ، فلم أرد أن أقطع خلوته وكنت أنشد "طلعة" وجدتها حديثا، وكنت أرفع صوتي لأعرف ردة فعل الشيخ ، فلماسمعها (تنهت واسترجع واستغفر) وقال: (ذيك ريتوهَ لاحول ولاقوة إلابالله ).
والطلعة هي:
اركوبْ اعْلَ امْبُكِرْ أبَدِيهْ :: التّخمَامْ أصْلِ مانِبغيه
ألانِ عازمْ كنتْ انواسيه :: يغيرْالتخمام ايلَ دَام
اعلَ حدْ، اخيارْ إلّ جِيه :: فرْ، اركوبْ امْبُكِرْ التّخمامْ
فكأنه يقول:
أَعَدنَ لِيَ الشَوقَ القَديمَ وَلَم أَكُن :: سَلَوتُ وَلكِن زِدنَ جَمراً عَلى جَمرِ
أو يقول:
وذو الشوق القديم وان تعزى :: مشوق حين يلقى العاشقينا

أدرت شريطا آخر من سدوم، شريط قديم غنى فيه في لبتيت بطلعة لوالده الفنان الكبير إعل ولد أيده، لكن الشريط به قص ولصق، أضاع گاف الطلعة ولم يبق منها إلامابعد:
أمانَ تحتِ فحلْ اجمال :: معلومْ ءُ اسدبايْ ءُ گيّال
تمنيت أن أجد البداية، وفجأة ظهر أن الفتى النابه لمرابط ولد دياه، قيد الاتصال، فأرسلت له رسالة أسأله عن طلعة الفنان اعل، فأجابني بأنه للأسف لايستحضرها لكنه سيسأل عنها سدوم، وأردف: ولّ نعطيك رقمو تتصل انت اعليه!

قلت في نفسي(والتخمام شاطرْ) لو أخذت من عنده رقم سدوم وأدرت الرقم وجاء صوت سدوم من خلف الغيوم يقول: ذاك منهو؟
سأقول: ألا الخير امعاك إكس انسول عن طلعة للوالد اعل رحمه الله فيه اكذاش.. (فحل اجمال..)!
عدلت عن الفكرة حيث لم أتبين وجاهتها ، وقلت للأخ لمرابط: الا اتصل انتوم اعليه وأنا بانتظاركم..

لم يتأخر لمرابط كثيرا قال لي وجدت سدوم وأعطاني الطلعة وهي:
ابطيتْ ألانِ عازمْ كنت :: نبطَ عنك يحسبيّ
غير امنين اوقع بطو گلت :: "وأفوضُ أمريَّ"
أمانَ تحتِ فحلْ اجمال :: معلومْ ءُ اسدبايْ ءُ گيّال
وانت من گربك مانِ مال :: افهمتِ ش گاع انتيَ

شكرت الأخ لمرابط ولسان حالي: "لا بقيت لمعضلة ليس لها أبوالحسن"

 وقع بصري على كتاب آخر من أفضل الكتب مبيعا وفقا لصحيفة نيويورك تايمز، إنه كتاب:
 " أحلام من أبي – dreams from my father "
قصة عرق وإرث – a story of race and inheritance
المؤلف باراك أباما – barack obama

أبحرت مع أوباما في ميلودراما شيقة.
تحدث عن العنصرية ذلك الداء القديم الذي كان السود ضحايا له في أمريكا.
تذكرت المنتبذ حين تحدث أوباما عن أناس من السود لا يقلون في تعصبهم عن عتاة العنصريين من البيض وخُيل إليّ مرة أنه يتحدث عن "بعض رموز إيرا"
فلئن كان بعض البيض عنصريا فإن بعض السود قدم فكرة سيئة عن السود.

من الصور النمطية التي كانت سائدة عن السود أنهم يتعاطون المخدرات ويحترفون النشل (ينتشلون)، يقول أباما:
" نصبح ممتنين للغاية ونحن نفقد أنفسنا في الزحام، في سوق أمريكا السعيد عديم الهوية ولا نستشيط غضبا أبدا مثلما يحدث لنا عندما تتجاهلنا سيارة الأجرة حين تمر من أمامنا، أوعندما تُحكم السيدة في المصعد قبضتها على حقيبتها، ليس هذا لأننا منزعجون من حقيقة أنه على الملونين الأقل حظا أن يتحملوا مثل هذه الإهانات كل يوم من أيام حياتهم، مع أن هذا مانقوله لأنفسنا، ولكن لأننا نرتدي حلة تحمل العلامة التجارية بروكس براذرز، ونتحدث بلغة إنجليزية صحيحة، ومع ذلك يخطئ البعض ويعاملوننا على أننا زنوج عاديون ..
كنت أعلم أنني أقسو على المسكينة جويس الحقيقة أنني كنت أفهمها هي والسود الآخرين الذين كانو يشعرون بما تشعر به، فكنت أرى في أسلوبهم وحديثهم وقلوبهم الحائرة أجراء من نفسي وهذا بالتحديد ماكان يخيفني فحيرتهم جعلتني أشك في معتقداتي العنصرية من جديد .. "

وضعت الكتاب وفتحت شرفة على الروح، نازعتني الأشواق للمنتبذ وتلك حالة إذا اشتد وطؤها عند ناشئة الليل فإنني أجاذب شركها إذا علق الجناح بحكاية لبتيت والتجول في زوايا معانيه، وهنا وجدت نفسي مع الشيخ ولد مكين من جديد  في نجع من أخواله في "افريگ السودان" ونازلا معه في نجع " چَگْـمَ چُوفَ" وهو نجع يعيش سكانه على السطو.

تذكرت تلك السيدة التي وصفها أوباما في المصعد وهي تحكم قبضتها على حقيبة يدها، وليس الذنب هنا ذنبها ولا ذنب أولئك السود، لكن درج بعض السود على نشل الحقائب فى الأماكن العامة فانسحب الحكم على الجميع، ودرج بعض سكان افريگ السودان على التلحمس على الماشية.

وقد وصف أوباما السيدة وبرّر مخاوفها، ووصف الشيخ ولد مكي الحالة العامة في "افريگ السودان" ونجع "چَگْـمَ چُوفَ":

افريگ السودان المتگاد :: فالتّيْلِيدْ أحْرارْ ءُ عَبّادْ
مرّتْ فيهْ إنَّ يالجواد ::  اثْنيّ ماهِ موصُوفَ
فالشّمّيشْ ءُ مَرْ إنّ زادْ :: اجمل متعدلْ واخروفَ
ءُ مرتْ عاگب ذَاك افمِيرادْ :: أسراحُ سِدْسَ ملگوفَ
واسكتنَ منْ جِيهتْ لمْگادْ :: واتْعامَيْنَ، خوفْ الشّوْفَ
واكْتِنْ وَلَّ لخريفْ ءُ عادْ :: امنْ الخيرْ اتْروحْ اظروفَ
شَكّيْنَ عن خلْگ التسياحْ :: واتْنازلْنَ چَگْـمَ چُوفَ
عادتْ تُوغدْ گاع افْلمراحْ :: هاذَ ماهُ لاهِ يَوْفَ

كامل الود
الكاتب: إكس ولد إكس اكرك 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق