السبت، 25 يناير 2020

الشاعر محمد ابن بتار ابن الطلبة..على سُنة مدح الطلبة لمشايخهم أقول مستعينا بالله 

الحمد لله
على سُنة مدح الطلبة لمشايخهم أقول مستعينا بالله :

أتَرى بِقاع التوأمين الأجرد
مغنى لذات الخال لم يتأبَّد؟

وبجلهة الوادي عرفتَ منازلا
وبسرحة الجرعاء ذات المَوقد

وبمُنحنى وادي الأراك وسهله
وبربوة السوداء أختِ الأسود

وبعَدوتَيْ ذات النبوغ ورِيعها
فالبئر ذات النخل أطيب معهد

ولدى المليحة فالمنار فمُلتقًى
من ذات زمزمَ والمطار الأسعد

وبمَرج حمدون الذي يفضي إلى
مغنى بذات العَدِّ كان بمرصد

ورأيتَ من مجرى السوابق شرةً
تستن بين تلاعها والأنجد

دمنٌ على آثارها نسج العفا
وعناكب النسيان نسجَ البرجد

إلا مخايلَ تجتليها إن تلُح
عين العميد الناشد المتردد

أو فكرةً تنتاب ذا وله على
مهد من الأشواق غير مُمَهَّد

أذكرنني عهد الصبا من بعدما
ضرب اختلاف الأبردين على يدي

وكأنني أرنو إلى أيامها
من خلف ستر للزمان مُمَدَّد

فأرى ظباء الحي عاقدةً عُرى
نُطُق على عَقَدات رمل مُفرد

يرمين حبات القلوب بأسهم
عن قوس رام لا يُقيد ولا يَدي

عُرُبٌ خرائد لا يرِعن لمُدَّرٍ
كلا ولا يُمكنَّ للمتصيد

يُطمعن في الأمر الذي إن رمته
كنتَ المعَنَّى بالتماس الفرقد

وكأنما أُصغي لرجع حديثهم
وقديمهم من خلف باب موصد

حيث التقت تلك الأهلة وانبرت
تفري دياجي الجهل في صدر الندي

فتواردوا في شأن كل قضية
من مُصدر عن عُقرها أومُورِد

وتنافحوا بشذا البديع وأنشدوا
لمطابق ومُجَنِّس ومُجَرِّد

وتذاكروا عند البديعة أو نقا
ذي السدر نضرة ظل عيش أرغد

ومنازلا كانت بجنب الوَد أو
ذي قامة مأوى لكل مُفَرِّدِ

وليالي البطحاء والصدر التي
مرت بهم مرَّ الجهام المُصعد

وحيا على أرض العقيلات التقتْ
أرواقُه من بعد محل مُجهِد

وجرت شجون من شؤون بينهم
عَمِيَتْ على غير النجيِّ المنتدي

وتُحركُ العذباتِ منهم خلسةً
نغماتُ شاد للنشيد مُردِّدِ

من كل أروع ماجد متنكب
قوسَ المعالي كالشهاب الموقَد

مستعصم بعرى المكارم جامع
كرمَ الطباع إلى كريم المحتد

ولكَم سَرت غمَّ الأسى عن أوجه
نجوى خليل للغليل مُبرِّد

وشفت عضال الداء ثَم أنامل
وهمت على العافين سحَّاءُ اليُدي

إن شئت أسمعك المثوِّبُ غدوة
يدعو لجُلَّى أو لأمر مُحصد

أو ذاكر لله في ملإ به
تتنزل الرحمات بين الأسعُد

أو قابس لمعلم أو قادح
لمعلل أو قارئ لمجود

أو صوت هينمة المرتل موهنا
وردا وقد طاب الكرى للهُجّد

حازوا بحق كابرا عن كابر
إرث النبي وسيدا عن سيد

لله أيام مضين بها ألا
هل في الربوع لعهدها من مُنشد

إذ لا أُبادر نهزة من رائح
يومي ولا أخشى غدوَّ المغتدي

والظل ممدود بربعي والجنى
دان وراويتي قريب المورد

وأود لو وقف الزمان بنا على
عيش لنا غَضِّ المكاسر أغيد

إذ أنتشي عرف الصفا متنسما
ريح الهوى واللهو غير مفنَّد

عصر تولى وانقضت أيامه
ونجت ركائبه نجاء خفيدد

والدهر لا يرخي الذوائب صرفه
إلا لمحتنك الدد المتمدد

أو عائذ بحمى البراءة ذائد
سرح الهموم براحتيه  مخَلَّد

بالله يا خل التصابي هل ترى
بغدٍ لليل أخي الصبابة من غد

أم هل لمن طوت المدى أترابه
وعدته ناجية الهوى من مسعد

ألفته طارقة الجفا ورمت به
أيدي النوى من فدفد للفدفد

لا يطبيه منِ ابن طاهر النَّدى
كلا ولم يرفع نداء الهُمَّدي

إن جود عبد الله ضاق به فذا
جود ابن عبد الله كنزُ المجتدي

شيخي محمدٌ الذي كان اسمه
فالا لملتمس العلا والسؤدد

ركنِ الشريعة والحقيقة منتهى
قصد المريد وإسوة المتعبد

ومجدد الدين الحنيف على سنا
آثار أقوم منهج لمجدد

وملجِّجٍ ببحار علم لم تُطَرْ
إلا لعبد بالكمال مؤيد

بادي السنا من سنة الهادى على
عَلَم التقى نبراسِ هدْي المهتدي

حامي حماها من تأول جاهل
وغلو غال وانتحال المفسد

قامت به أعلام هدْي المصطفى
فكأنما بَعث الورى من مرقد

كم بدعة بعد الفشو أماتها
أو سنة نُشرت به من مَوْئد

وعليه من نور النبوءة آية
تُنبيك عن سر الحديث المسنَد

وبعهده من ذلك العهد الرضى
هبت نواسم عَرف طيب المعهد

يبدي من الخُلُق العظيم وراثةً
في كل أمر نابه الأمرَ البدي

حِلما إذا هوت الرواسي راسخا
وجدًا تعاظم كلَّ مُجْدٍ مُنْجِد

وحياء من شهد الجلال ولم يزل
من مُجتلَى ذاك الجمال بمشهد

وفتوة تطوي مكارمها المدى
في إثر كل مصوب أو مُصعد

وتهللا للسائلين ورحمة
للمعرضين ورأفة بالحُفَّدِ

وتَنَزُّلا من سِدرة العليا إلى
غَور الولاية في بهاءِ المصعد

في البيت في نادي العشير بملتقى
خُطَط الأكارم في رحاب المسجد

ومجالسا تزن الجبال رزانة
يرقى الجليس بها لأسنى مقصد

وتواضعا للحق في سلطانه
يقوى الضعيف ويضمحل المعتدي

تحجو المريدَ به مُرادا والأذى
حُسنى وذا الشحناء كالمتودد

وتراه في قمع الضلال كقالمٍ
ظُفُرا ومنتقش المشوك المُقعَد

وسع الورى أدبا فلا يدري امرؤ
ما بين أقربهم له والأبعد

كم كاشح رَمَتِ السوانحُ قلبَه
من حُبه عَرَضا بسهم مُصرد

أو من شقيق عارضٍ رمحا رأى
من شدةٍ في الله ما لم يَعهد

متغافلا عن زخرف من باطل
متصديا لتقحُّمٍ من مُلحد

وتراه يلتزم القيودَ لمذهب
لو شاء أطلقَ منه كل مُقيَّد

وحديثُه عِقدٌ لكل شريدة
وفريدة من لؤلؤ وزبرجد

يرعى أولو الألباب يانعَ روضه
والغُمر يسعف منه من لم يشهد

كالغيث تربو منه هامدة الربى
وتُفيضه صمُّ الصفا والجلمد

ونوافذ الألحاظ تنفث بينهم
سحرا تُلِمُّ به إذا لم تُقصِد

وسوائم الإلهام بالأفكار في
ملكوت بارئها تروح وتغتدي

وإذا الخلي أوى لأندية الصفا
وشجته أنة نائح ومغرد

هتفت به الأحوال: لا منا دد
يا طارق النادي ولسنا من دد

لكن على ذكر الحبيب كما ترى
نُسقى المعتَّقَ من سلافة صرخد

وتراه يجمعهم على أس التقى
وينير سيرتهم برأيِ مُسدَّدِ

وبه تدور رحى سرائرهم على
سر التعلق بالجناب الأحمدي

ولحب طه المصطفى يرقى بهم
صُعًدا من الشوق المقيم المقعِد

يروي الحديث مسلسلا بالحمد عن
ثبْتٍ روى عن كل ثَبْت مسنِد

سند علا بأبي محمد الرضى
ومحمد وبأحمد بن محمد

أزوادِ ركب السائرين لربهم
ولَنِعْمَ زادُ القوم للمتزود

وأبي المواهب باب خير وسيلة
ترجى إمامِ العدوتين السيد

سر الطريق مفيد فيض علومها
بحرا طما من لج بحر مزبد

وإلى سنا ذاك اليفاع بوحيه
رقصت بهم قُلُص الركاب الوُخَّد

تعشو إلى مشكاة نور من أبي الــ
ــــــــــــعباس أحمد ذي المقام الأوحد

سبط النبي المرتقي من سره
شرفا لمنزلة الحفيد القعدُد

مُجْرِي مَعين العلم منه إفاضةً
مُعْلِي منارِ سبيله للقُصَّد

حاكيه في دَلٍّ وسابقِ هجرة
راعي الحمى من شرعه بالمِذود

وبه اقتدى في هديه وبه هَدى
طوبى لمن لقويم منهجه هُدِي

يمناه مطلعُ أسعد الزلفى وفي
يسراه آخيةُ القلوب الشُّرَّد

يطوي فيافي البعد بالساعي إلى
مولاه دون رياضة وتجرُّد

خضع الملوك لفضله وبعلمه
شهد الورى من ناظر ومقلد

لكلامه في كل قلب صولة
بالحق إن تَنَلِ المعاند ينقد

وترى صريح العلم من إملائه
كنظيم در أو سبيكة عسجد

أذكى ذكاءُ الغرس من أمداده
نيران غيظٍ في صدور الحسَّد

فتبلدوا في أمره وتقوَّلوا
لَيًّا بألسنةٍ وطعْنَ تلدُّد

والله ناصر عبده ومُوَهِّنٌ
كيدَ العدوِّ ومنجزٌ للموعد

                    *****

يا سيدي إنسانَ عين زمانه
حسبي فخارا إن أقل يا سيدي

هذا مقام العائذ الملقي إلى
عتبات بابك بالعنان وباليد

مستخفيا من سوء ما فعلت به
نفس دعته لكل أمر مُؤيِد

والقلب يدعو من وراء حجابه
قدني حجابا عنك يا سندي قدي

هلا مننت بنظرة يسمو بها
مُكْدٍ من الأعمال كابي الأزند

لم يلق غيرك من إمام فاتح
غَلَقَ العلوم ولا وليٍّ مُرشد

أرجَى الذي أرجوه أنك قدوتي
والمقتفَى معيار شأن المقتدي

لا زال ذاك الفيض يجري سلسلا
من سلسل أمد البقاء السرمدي

وأدام نعمتك الذي أبدى بها
نُكتَ العلا للمنتهي والمبتدي

هذا دعاء للبرية شامل
لم يفتقر لمبين ومؤكد

ثم الصلاة مع السلام على الذي
جاز الطباق إلى كريم المقعد

ما حن منتزح إلى وطن وما
سجع الحمام بغصن أيك أُملُد

د.محمد ابن بتار ابن الطلبة  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق